منتديات مدرسة سندوب الفنية الصناعية بنات
---(((ضيفنا العزيز أنت الآن فى منتديات مدرسة سندوب الفنية فمرحبا بك )))---
*** نتشرف بتسجيلك معنا ***
منتديات مدرسة سندوب الفنية الصناعية بنات
---(((ضيفنا العزيز أنت الآن فى منتديات مدرسة سندوب الفنية فمرحبا بك )))---
*** نتشرف بتسجيلك معنا ***
منتديات مدرسة سندوب الفنية الصناعية بنات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات مدرسة سندوب الفنية الصناعية بنات

للتعليم الفنى الصناعى
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 فصل من الرواية القنبلة.. عزازيل (2)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عادل فضالي
نائب المدير
نخبة المشرفين
عادل فضالي


عدد المساهمات : 1037
تاريخ التسجيل : 22/02/2009

فصل من الرواية القنبلة.. عزازيل (2) Empty
مُساهمةموضوع: فصل من الرواية القنبلة.. عزازيل (2)   فصل من الرواية القنبلة.. عزازيل (2) Emptyالثلاثاء مارس 24, 2009 2:57 pm

...
كنت أنظر إلى ناحية الكوخ الغارق فى الظلام، وكان الفريسى صامتا يرسم على الأرض التى تربع عليها، بعود يابس، أشكالا متقاطعة.. جاءت نسمات باردة، فأغمضت عينى وملأت صدرى منها، ثم زفرت زفرة مكلوم. أشار بالعود اليابس إلى جهة الكوخ، وقال إن المرأتين رحلتا عن هنا. لم أرد. أضاف أنه لم يكن يستبشر بما شرعنا فيه، من أمر الغناء فى الكنيسة. لم أرد. قال إنه لم يكن يرتاح لهذه المرأة التى اسمها مرتا، فخفق قلبى بشدة.. تلونت السماء بحمرة الشروق، وشعرت ببرد الهواء فطلبت منه أن نعود إلى المكتبة لأنام قليلا، فقام معى، لم أستند إلى ذراعه فى طريق عودتنا، وقبل أن يفارقنى عند الباب، سألته إن كان يخفى شيئا عنى؟ قال:
ــ أنت الذى تحاول إخفاء ما فيك، مع أننا جميعا نعرفه!
ــ ماذا تقصد؟
ــ لا شىء يا هيبا. ولكنك كنت تنادى كثيرا باسم هذه المرأة، مرتا، فى نوبات الحمى.. رحيلها عن هنا.، رحمة من الرب بك وبنا، فنحن كما تعلم، لن نرضى لك ما هو غير صالح.. وقد كانت هذه المرأة، أمرا غير صالح بالمرة.

أغلقت خلفى باب المكتبة، وارتميت فوق الدكة القريبة.. لا أعرف كيف نمت؟ ولكننى انتبهت فزعا ساعة الفجر، وقمت من فورى إلى الطاولة، والتهمت كل ما كان بالمنديل من فاكهة، كنت آكل مثل مريض بجوع كلبى، وكانت دموعى تسيل.. ملت برأسى على راحتى الموضوعتين فوق الطاولة، ثم أجهشت بالبكاء والنشيج. أفقت بعد حين، وقد أزاحت كل الأفكار عن رأسى، فكرة واحدة. لقد انتهى كل شىء. انهزم نسطور، واختفت مرتا، وغاب عزازيل، وعرف أهل الدير حقيقة حالى. لقد انتهت حياتى كلها، فليس أمامى إلا الموت.

ــ أمامك حياة طويلة يا هيبا، فلا تفكر الآن فى الموت.
ــ عزازيل.. أين كنت؟

أفهمنى أنه كان، وسيظل دوما، حولى، وأن العالم الحقيقى إنما هو فى داخلى، وليس فى الوقائع التى تثور وتهدأ، وتنتهى لتنبدأ أو يبدأ غيرها.. استغربت من أنه لم يكن مختبئا، وحين ظهر لى لم يكن مكتئبا. كنت مازلت منكفئا برأسى على الطاولة، مغمضا عيناى، ومحدقا فى الفراغ. سألته:
ــ هل أسقى نفسى سما لأخلص مما بى، ويتخلص الهواء إلى الهواء؟
ــ هل جننت! الموت لا معنى له. المعانى كلها فى الحياة، أنا حى دوما، ولن أموت إلا بموتك، وموت المؤمنين بى، والمكتشفين وجودى فيهم.. وليس من حقك أن تميتنى، بموتك، قبل الأوان؟ كيف أحيا، وقد جرى كل ما تعرفه؟
ــ تحيا يا هيبا لتكتب، فتظل حيا حتى حين تموت فى الموعد، وأظل حيا فى كتاباتك.. اكتب يا هيبا، فمن يكتب لن يكوت أبدا.

عزازيل يعشق الحياة فهى مرتعه، ولذلك هو يكره الداعين إلى نبذ المباهج والأفراح، ولا يطيق الزهاد والمنقطعين عن الحياة. يسميهم الحمقى! قمت من جلستى، فأغلقت الشباك الذى كان مفتوحا على ساحة الدير، وكان نور الصباح قد بدأ إشراقه. أردت مواصلة الكلام مع عزازيل، فأسندت جبهتى إلى الجدار، وسألته:
ــ أأنت الذى قابلتنى عند حدود بلدة سرمدة، وعند نزولى من جبل قسقام بمصر؟
ــ ما هذا الذى تقول؟ أنا لا وجود لى، مستقلا عنك. أنا يا هيبا أنت، ولا أكون إلا فيك.
ــ ألا تتجسد يا عزازيل فى أشخاص بعينهم؟
ــ التجسد خرافة.

سمعت صوت أقدام، ففتحت الشباك ثانية. كان جماعة من رهبان الدير آتين لزيارتى، وكان معهم خادمان يحملان طاولة كبيرة، عليها طعام الفطور.. أخبرونى أن رئيس الدير سيلحق بهم، وسوف نفطر جميعا هنا. كان ذلك عطفا كبيرا منهم.
تكلم رئيس الدير بعدما تلا بعض المزامير، فقال لنا وكأنه يحدثنى أنا، تحديدا: يا أبناء الرب، دعونا فى هذا الصباح المبارك ندعو الله ونبتهل إليه شاكرين نعمته، ومستجلبين رحمته.. واعلموا أن الله حاضر دوما فى قلوبكم، وإن كان عرشه فى السماء. وقد رأيت أن الكثيرين منكم، قد فجعوا بما جرى فى إفسوس، واهتز إيمانهم، واضطربت قلوبهم. والذى جرى محزن لنا، فليشملنا الرب جميعا بعفوه. ولكن طريقنا نحن الرهبان، لا شأن له بمشكلات اللاهوت والمجادلات الدائرة بين رءوس الكنائس. هؤلاء يثورون حينا، ويهدأون أحيانا، فليكن بينهم ما يكون، وليكن بيننا الطريق الذى بعون الرب اخترناه، وليجمع بيننا أمر وحيد هو محبة الرب وبشارة يسوع وتوقير العذراء المقدسة، سواء هى أم الإله، أم أم المسيح. فنحن وقد ودعنا صخب الدنيا، نعرف العذراء بقلوبنا، لا بأقوال اللاهوتيين ولا بمذاهبهم. سوف نلتزم هنا بقانون الإيمان الذى صاغوه فى إفسوس، ونجمع الناس إليه فى حظيرة الرب، حتى لا نترك العوام للشيطان، فيعبث بهم إذا تفرقوا. ولنا من بعد ذلك، طريق إلى الله، لا يحده قانون مكتوب، ولا كلمات مخصوصة. للرهبنة سر يعلو فوق الألفاظ، ويسمو عن اللغات، ويدق عن التعبيرات. ولسوف تظل الرهبنة والشركة والديرية، منارة تهدى المؤمنين، وسبيلا لمن وهبوا أنفسهم، مخلصين فى محبتهم للرب، وتعمقوا فى إيمانهم بيسوع المسيح، وفى تقديسهم للسيدة العذراء.

طابت نفسى من كلام رئيس الدير، فأكلت مع الرهبان لقيمات. غير أننى كنت أشعر ساعتها بعزازيل، يجلس فى الركن القصى من المكتبة، ويبتسم بمكر وسخرية.. ودعنى الرهبان، وذكرنى رئيس الدير بضرورة الخلود إلى الراحة. وسألنى إن كنت أريد شيئا من مطبخ الدير، فشكرته.

أوان العصر عاودنى الحنين، وتكدرت روحى. كنت وحدى فى المكتبة، فدعوت عزازيل لأنشغل بآرائه العجيبة عما أعانيه، سألته عن رأيه فيما قاله رئيس الدير فى الصباح، فأجاب وهو يبتسم ويمعن فى إغاظتى: ماذا يمكن لرئيس الدير أن يقول غير ما قاله، وإلا صار عليه أن يجد مكانا غير هذا الدير، ليرأسه! رأيت أنه يتجنى على الأب الجليل، فزعقت فيه بأن يلتزم الأدب.. فاختفى.

فى أول المساء جلست إلى الطاولة، ونويت أن أكتب ترنيمة جديدة. كان الشعر يلح على بشدة، فأديت صلاة الليل وحدى، وأحضرت الرقوق. كتبت هذه القصيدة:
يا إلهى، أشرق بخيط من نورك الأزلى،
ينير قلبى المظلم، ويبدد وحشتى.
يا أبانا الذى فى السماء، أفض على الأرض ببشارات العزاء، فكلنا محزونون، وأحزاننا موجعة.
يا يسوع المخلص، أنت مبدؤنا ومنتهانا، وأنت بقاؤنا بعد فناء دنيانا.

كتبت الأبيات بعد محاولات عسرة، كأننى أقتلع الكلمات من جوف قلبى، فتدمينى. كان بدنى لم يزل هزيلا، وكنت على وشك الذهاب فى سكرة نعاس، تأخذنى إلى الأفق البعيد، غير أننى فوجئت بصوت عزازيل يتصعد من أقصى مواطن فراغى، وأحلكها، فيسيل قلبى بين الضلوع، ويشعرنى بأن السماء انطبقت على الأرض وأنام محشور بينهما. كان يقول: متى يا هيبا ستكتب الكتابة الحقة، وتكف عن المراوغة وتتغنى بالألم الذى فيك؟ لا تكن مثل ميت ينطق عن ميتين، ليُرضى الميتين! قل الحق الذى بقلبك، مثلا: يا مرتا، أشرقى بلحظة من وصالك، لتنيرى قلبى المظلم، وتبددى وحشتى..

ــ اسكت يا ملعون، لن أتغنى إلا بالمسيح الحى.. فالشعر در منظوم، وقد قال المسيح يسوع: لا تلق بالدر للخنازير.
ــ هل صارت مرتا عندك كالخنازير. أفق يا هيبا وانتبه، فإن شوقك إليها يعتصرك ويهصر قلبك.. اذهب إليها، خذها وارتحل عن هذه البلاد. اسعد بها ودعها تمرح، ثم صب علىّ اللعنات لأننى أغويتك؛ فنكون نحن الثلاثة قد تحققنا، وحققنا ذواتنا.

قلت فى نفسى، لن أصغى لتشكيكات عزازيل، فهو بطبعه متشكك ومثير للقلق. سوف أغسل قلبى بماء اليقين، وأستعصم بإيمانى من غواياته وهرطقته وميله للمتع الزائلة. مهما كان تعلقى بمرتا، فإنه مؤقت، مثل كل ما فى الدنيا. ولن أبيع الباقى من أجل الفانى، والغالى من أجل الرخيص. سوف أعيش حياتى فى المسيح الحى.
ــ أهو حى، كيف وقد قتله الرومان؟
ــ مات أياما، ثم قام قيامته المجيدة من الموت!
ــ وكيف مات أصلا.. كيف لك أن تصدق يا هيبا، أن الحاكم الرومانى بيلاطس وهو الإنسان، قادر على قتل المسيح الذى هو الإله.
ــ كان ذلك هو السبيل الوحيد لخلاص الإنسان.
ــ بل كان السبيل الوحيد لتخليص المسيحية من اليهودية!

لم أشأ أن أسمع من عزازيل المزيد لكنه ظل يهمس فى أذنى، أثناء نومى، برأى عجيب. كان يقول أشياء كثيرة، منها أن اليهود أهانوا فكرة الألوهية التى اجتهدت الإنسانية طويلا كى تصوغها. حضارات الإنسان القديمة علت بالإله، واليهود جعلوه فى توراتهم منهمكا مع البشر، فكان لابد من إعادته إلى السماء ثانية.. وهكذا جاءت المسيحية لتؤكد وجود الله مع الإنسان فى الأرض، فى شخص المسيح، ثم ترفعه مستعينة بالأساطير المصرية القديمة، إلى موضعه السماوى الأول. بعدما ضحى (الإله) بنفسه، على ما يزعمون، من أجل خلاص البشر من خطية أبيهم آدم!.. فهل انمحت الخطايا بعد المسيح، وهل صعب على الله أن يعفو عن البشر بأمر منه. من غير معاناة موهومة، وصلب مهين، وموت غير مجيد، وقيامة مجيدة.

***

غاب عزازيل بداخلى وسكت، فغمرتنى راحة مفاجئة، شعرت بعدها بالفراغ يلفنى.. بعد حين توسدت فراغى، ونمت فى نومى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://knol.google.com/k/-/-/msm53fgo7rhs/0#knols
 
فصل من الرواية القنبلة.. عزازيل (2)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فصل من الرواية القنبلة.. عزازيل (1)
» عزازيل .. إسقاطات حاربتها الكنيسة القبطية
» عزازيل ترفع الغطاء الديني عن دعاة العنف

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات مدرسة سندوب الفنية الصناعية بنات :: المنتدى العام :: منتدى مكتبة المدرسة-
انتقل الى: