اليوم مقاطعة الإنترنت بسبب "سياسة الاستخدام العادل"
محمد مجاهد, شادي زكي, أمير حيدر, فاروق الجمل
أحدث قرار وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الذي من شأنه تحديد سرعة الاتصال بشبكة الإنترنت مؤخرا جدلا كبيرا بسبب الحملة التي شنها العديد من المدونين ومستخدمي موقع الـ"فيس بوك" على الإنترنت اعتراضا على القرار مما دفع الوزارة إلى الإعلان عن أن أنها ستعيد تقييم القرارات الخاصة بسياسة الاستخدام العادل للإنترنت Fair Access Policy بنهاية الشهر المقبل مع إمكانية تعديل بعضها في حال ثبوت إضرارها بالمستهلكين أو الشركات.
وأوضح المهندس محمود الجوينى، مستشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، في تصريح خاص لـ "المصري اليوم" أن الوزارة عندما قررت تطبيق تلك السياسة وضعت في اعتبارها إجراء عمليات إعادة التقييم في سبتمبر المقبل بعد دراسة أثارها على القطاعات المختلفة من مستخدمي الإنترنت ومن ضمنهم مقاهي الإنترنت التي تستهلك سعات تحميل كبيرة. وقال إنه في حال اكتشاف أى تأثيرات سلبية على "الإنترنت كافيه" أو أى طرف آخر فإن وزارة الاتصالات لن تتوان في إعادة النظر في نظام الاستخدام العادل انطلاقا من الحرص على حقوق الدولة في عدم استخدام الوصلات غير الشرعية والحفاظ على نشاط مقاهي الإنترنت.
ومؤخرا أطلق عدد من نشطاء شبكة الإنترنت الدولية دعوة لاعتبار اليوم الاثنين "يوما لثورة مستخدمي الإنترنت في مصر" اعتراضا على تطبيق ما وصفته الوزارة بـ "سياسة الاستخدام العادل للشبكة" من خلال مقاطعة استخدام الشبكة وفسخ تعاقداتهم مع مزودي الخدمة في مصر. ورد الجوينى بالقول إن السعات التحميلية المتاحة حاليا عالية جدا مشيرا إلى أن الاعتراض عليها نابع من دوافع "نفسية" لدى بعض المستخدمين الذين استشعروا بعض التضييق مع تطبيق نظام تحديد «الداونلود» من على الإنترنت.
وترجع أصل فكرة تحديد استخدام الإنترنت إلى عام 1990 حين قام العديد من مزودي خدمة الإنترنت Internet service providers بإنشاء بروتوكول أو ما يسمى بسياسة الاستخدام العادل للإنترنت Fair Access Policy، وذلك لتوفير سرعة متساوية لمستخدمي الإنترنت عالي السرعة.. بمعنى أنه لو افترضنا أن خمس مستخدمين لدى كل منهم خط إنترنت عالي السرعة.. قام أحدهم باستخدام الخط الخاص به لتحميل مواد من على الإنترنت بشكل متواصل.. فسيؤثر نشاطه اليومي المتواصل على سرعة تحميل الأربع خطوط الأخرى.. وبالتالي فقد قامت الشركات بتحديد الكم المسموح تحميله download للمستخدم بعدد معين يقاس بالجيجا بايت يحدده كل مزود لخدمة الإنترنت حسب قدرة شبكته.. وهنا تكمن الفكرة الأساسية لسياسة الاستخدام العادل FAP.
ونقل موقع "أخبار مصر" بياناً لإحدى المجموعات المعارضة للخطوة، جاء فيه: "رداً على ما تقوم به الشركات المزودة لخدمة الإنترنت في مصر، وعلى ما تقوم به من تصعيد الأمور فيما يتعلق بسياسة الاستخدام العادل الظالمة، تقرر الآتي إعلان اليوم الاثنين الموافق 10 أغسطس موعداً لثورة مستخدمي الإنترنت في مصر، في حالة عدم تراجع الشركات عن قراراها فيما يتعلق بسياسة الاستخدام العادل".
وقال الموقع، التابع لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، إن المعارضين يتخذون اتجاهاً عاماً لحملتهم ضد مزودي الخدمة بعنوان: «نحن ندفع مقابل الخدمة التي نحصل عليها، ولسنا عبيد إحسان هذه الشركات»، كما شهد موقع الـ«فيس بوك» دعاوى مشابهة ودشن عدد من المستخدمين "جروب" للتنديد بالقرار وحث المستخدمين على إلغاء تعاقداتهم مع شركات الإنترنت.
في المقابل بررت شركات المحمول تطبيق سياسة للاستخدام العادل على مشتركي الإنترنت المحمول برغبتها في عدم جور بعض المستخدمين على حقوق الآخرين عند قيامهم بتحميل الملفات بشكل يؤدى لبطىء الخدمة عند باقي المشتركين.
وقال الدكتور "حمدي الليثي" خبير الاتصالات إن بعض عملاء إنترنت المحمول يستخدمون الشبكة في تحميل أفلام وأغاني بشكل مبالغ فيه الأمر الذي يؤدى للتأثير على باقي العملاء وهو ما استدعى أتباع سياسة للاستخدام العادل، والتي تحددها شركات المحمول على عملائها بسعات تحميل تتراوح ما بين 4 جيجا و6 جيجا شهريا وهى نسبة تقل كثيرا عن نظيرتها المتبعة مع مستخدمي الإنترنت السريع ADSL.
وقال "الوليد الشامى"، الخبير في مجال الاتصالات، إن الدراسات العالمية تشيرا إلى أن متوسط استخدام الشخص عالميا تدور في حدود 14 جيجا شهريا، بينما يتخطى حجم الاستخدام فى مصر حاجز الـ 30 جيجا بسبب انتشار الوصلات التي يشترك فيها العديد من الأشخاص وكذلك ثقافة شرائح من مستخدمي الإنترنت الذين يتركز استخدامهم للشبكة الدولية على تحميل الأفلام والملفات ذات السعات الكبيرة في التحميل.
وأشار "الشامى" إلى أن عدم تحديد شركات الإنترنت للاستخدام وربطه بحجم معين شهريا على مختلف شرائح الاشتراك أعاق فرص نمو أعداد المشتركين الذين لم يتخطوا حتى الآن حاجز الـ 800 ألف مشترك فى الإنترنت فائق السرعة ADSL رغم تطبيق المبادرة الخاصة به منذ أكثر من 5 سنوات.
واستبعد "الشامى" تأثر الشركات سلبا بتحديد الاستخدام، خاصة في ظل تركيز شركات الهاتف المحمول على زيادة المنافسة فى مجال "الإنترنت موبايل"، وهو ما أيده أحمد أسامة العضو المنتدب بالشركة المصرية لنقل البيانات "تى إى داتا"، مشيرا إلى أن حجم التحميل المسموح به في أقل شرائح الاشتراك في الإنترنت الثابت لاتزال أعلى بكثير من المسموح به في المحمول الذي تزيد فيه تكلفة الفاتورة كلما زاد الاستخدام.
ومن ناحية المستخدمين، قال "محمد عادل"، مدون مبرمج: "التقليل من السرعة وتحديد سرعتها يعد أزمة كبيرة، لأنه يعوق العمل بحرية على النت، وتحميل البرامج وغيرها من الأشياء المهمة"، وأكد عادل أن هذا القرار يكمن خلفه قرار سياسي قائلا "تحميل الكليبات المناهضة للنظام، وكليبات التعذيب، وتجاوزات الشرطة، والحركات الاحتجاجية وغيرها، تحتاج إلى سرعات عالية، وباقات مفتوحة، من أجل عرضها على النت، وإمكانية مشاهدتها بسرعة، ومثل هذا القرار سيعوق كل هذه العملية، إضافة إلى أنه سيحد من حركة نشطاء الإنترنت والمدونين".
وأكد "محمد جمال"، مدون أن الهدف الرئيسي من تحديد مساحة التحميل من الإنترنت هو إعاقة نشاط المدونين وحملات الـ"فيس بوك"، بعدما ثبتت قوته كأداة سياسية عبر الإنترنت، وأشار جمال إلى أن تحديد سرعة الإنترنت سيعوق بشكل كبير عمل العديد من العاملين في مجال البرمجة، والصحف الإلكترونية الصغيرة، والمدونات، وسيحول دون التحميل بشكل سريع، وهو ما سيؤدى أيضا إلى العزوف عن التعامل مع الإنترنت مستقبلا، نظرا لتحديد مساحة التعامل برقم لا يجب تجاوزه، خاصة في ظل الظروف والأزمات المالية.
وقال إن أكثر المتضررين من هذا القرار هم الشباب، لأنهم الأكثر استخداما للنت، وبعضهم يعمل عن طريق المراسلة فى العديد من المجالات خاصة في مجال الجرافيكس الذي يستهلك مساحات كبيرة من التحميل بخلاف أن معظم أنظمة التشغيل هي الأخرى تحتاج إلى تحميل تحديثات يومية كبيرة.