تأثير الأسماء على التعامل مع الأشخاص
اختيار اسم المولود الجديد هو على الدوام موضع جدل ونقاش داخل العائلة، فالبعض يفضل الأسماء القديمة والبعض الآخر الأسماء الحديثة وأسماء المشاهير. لكن حتى أسماء المشاهير قد تؤثر سلباً على أصحابها لارتباطها بأحكام مسبقة. يتم التعبير عن أهمية الأسماء والمشاعر التي تثيرها في شتى المجالات لاسيما في مجال الفن والغناء، وقد تغنت بذلك فيروز أيضاً " أسامينا شو تعبوا أهالينا حتى لقيوها وشوافتكروا فينا" ويختلف اختيار الأسماء من عائلة إلى أخرى ومن وسط الى آخر، فبينما يحاول البعض اختيار أسماء عصرية ومتميزة، يسعى البعض الأخر للمحافظة على العادات الاجتماعية والولاء لإسم الجد أو الجدة. لكن كثيراً من الأهالي لا يفكرون لدى اختيار أسماء مواليدهم بمدى تأثيرها على حياتهم والتعامل معهم في المستقبل، فكما تؤكد دراسة حديثة أجرتها جامعة أولدنبروغ الألمانية يعاني التلاميذ من التمييز في المعاملة بسبب أسمائهم، وعلى سبيل المثال "يوحي اسم كيفن بأنه شخص ذو أسنان مليئة بالتسوس"
وأظهرت نتائج الدراسة التي أجريت عبر شبكة الانتريت وشملت حوالي 2000 شخص، أن هناك أسماء معينة تثير نفور الألمان ومنها بالدرجة الأولى كيفن وشانتال و جاكلين و جستون، بينما حظيت أسماء أخرى باستحسان وقبول واسع لدى أغلب المشاركين مثل ماكسيميليان، وشارلوته و صوفيا والكسندر، و تقول أستريد كيزر المتخصصة في علوم التربية والاجتماع من جامعة أولدنبورغ والتي أشرفت على هذا الاستطلاع إنه لدى سؤال المشاركين عن أسباب امتناعهم عن تسمية أولادهم بهذه الأسماء وردت إجابات من قبل عدد كبير من المعلمين يؤكدون فيها أن أغلب التلاميذ الذين يحملون أسماء مثل" كيفن وشانتال هم غير مهذبين وكسالى". والمعلمون ليسوا الوحيدين الذين يطلقون الأحكام المسبقة على من يحمل اسم كيفن، بل يشاركهم في ذلك بعض أطباء الأسنان، كما تقول أستريد " لقد دهشت جداً لقول بعض أطباء الأسنان إن اسم كيفين يوحي بأن حامله هو شخص ذو أسنان مليئة بالتسوس
التمسك بأسماء الأجداد
في البلدان العربية يلعب الولاء للجد أو الجدة دوراً هاماُ في اختيار الأسماء، ففي السودان مثلاً كما تؤكد الشابة فاطمة المتخصصة في علم الاقتصاد، يعود السبب الرئيسي في تسميتها الى رغبة والدها في إحياء ذكرى والدته بعد وفاتها وتضيف "سموني على اسم جدتي وكنت أتمنى لو كنت أحمل اسماً عصرياً مثل أخواتي."
وفي سوريا مثلاً كما يقول المحامي السوري أسامة الذي يعيش في المانيا، هناك بعض العائلات التي تسعى للمحافظة على أسماء الأجداد، ويضيف: " أجد أن هذا التقليد جميل لكن على شرط ألا يكون ملزماً". وحسب رأي أسامة لايوجد أي تمييز بين الأشخاص بسبب أسمائهم، لكن اختيار الأسماء يكون مرتبطاً أحياناً بالدين الذي تنتمي إليه العائلة، وفي حالات أخرى يفضل الأهل الأسماء الحيادية، تلافياً للتفرقة الدينية على حد تعبيره.
أما لينا كنامة وهي سيدة سورية تعيش في ألمانيا وتعمل لدى جمعية خيرية تعنى بشؤون النساء العربيات، فترى أن مهمة اختيار الأسماء في ألمانيا أصعب منها في العالم العربي، لأن الأهل يجدون أنفسهم مضطرين لاختيار الأسماء التي يسهل لفظها والتعامل معها في المجتمعين، وتجلب اسم نور مثالاً على ذلك" أرى اسم نور مثلاً اسم جميل لكن ليس من السهل استخدامه في ألمانيا لأنه يعني "فقط" ".
الانفتاح على الآخرمع المحافظة على الهوية
وترفض لينا فكرة حمل بعض العائلات العربية أسماء أجنبية، وترى أنه من الأفضل اختيار الأسماء الحيادية للمحافظة على الهوية العربية، مشيرة الى أن هناك الكثير من الأسماء التي أصبحت معروفة ومحببة لدى الألمان كاسم ياسمين وناديا وتقول "بإمكاننا أن ننفتح على الآخر ولكن مع المحافظة على هويتنا" ويوافق أسامة لينا في رأيها ويؤكد على أن اسمه أصبح معروفاً في ألمانيا بعد أحداث 11 من سبتمبر، وكان قبلاً قد حاول العديد من المرات أن يثبت للألمان أن اسمه هو اسم مذكر، لكن هذا الوضع قد تغير تماماً بعد أحداث 11 سبتمبر وأصبح كما يقول يسبب له نوعا من القلق لدى مناداته."أصبح اسمي مشهوراً عالمياً، لأنه ارتبط بالإرهاب، وبسبب هذه الشهرة أشعر بأنه فقد الحيادية "." ويؤكد أسامة أنه رغم ارتباط اسمه بالإرهاب إلا أنه يحبه كثيراً ولا يريد تغيره ويضيف قائلاً "لدي قناعة كبيرة بأن اسمي دلالة على التسامح الديني والرقي في التعامل"
" يجب تربية الطفل على محبة اسمه"
وعلى عكس أسامة قام الشاب المغربي أحمد الذي قدم إلى ألمانيا من أجل الدراسة والعمل بتغييراسمه إلى "أخيم" ، كي لا يشكل له عائقاً أثناء إقامته في المانيا، وينتقد الدكتور عبد العزيز ظاهرة تغيير الأسماء لدى العرب المقيمين في الغرب، فهو يرى أن الاسم غالباً ما يرتبط بدلالات ورموز خاصة بالمجتمع الذي يعيش فيه الإنسان. ويؤكد على ضرورة تربية الشباب على أساس الثقة بالنفس، مشيراً الى أنه عندما يأتي شخص من الغرب ليعيش في الشرق لا يفكر بتغيير اسمه بينما يوجد لدى العرب في أوروبا نوع من الحساسية في تقبل الطرف الآخر لأسمائهم وسلوكهم ويضيف "يمكن التغلب على هذا الأمر عندما نربي الطفل منذ صغره على محبة اسمه ومحاولة التكييف مع الواقع." وهو ما يراه الشاب الألماني كيفن الذي يدرس علوم اللغة في جامعة إسن ويؤكد أنه يحب اسمه كثيراً رغم جميع الأحكام المسبقة ويضيف " لم أشعر يوماً ما بأن اسمي كان عائقاً لي في حياتي، فالاسم هو رمز لهوية الإنسان وليس لتحديد صفاته وسلوكه."
الكاتبة: دالين صلاحية
مراجعة:منى صالح
(عن التليفزين الألماني)
الرئيسية 
