معوقات الثناء!
إظهار محاسن الزوجة ليس سلوكًا حسنًا فحسب، إنما هو عبارة يتعبَّد بها الزوج إلى ربه، ويعفّ بها زوجته، ويصون بها أسرته، ومع ذلك ينصرف أزواج كثيرون عن الثناء على زوجاتهم:
1- انشغال الزوج بمسئوليات الحياة، ولهذا الصنف من الرجال أقول: إن ما بينك وبين إطراء زوجتك ما هو إلا حاجز وهمي؛ لأن الأمر لا يكلفك وقتًا ولا جهدًا.. إنه يحتاج منك فقط إلى إدراك أهمية ذلك، ثم المبادرة بالثناء على زوجتك وشكرها، واضعًا في حسبانك دائمًا "ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله" واعمل دائمًا بالآية الكريمة (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) (هود: من الآية 114)، وبهدي النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا ساءك منها خلق أعجبك آخر".
2- عدم الاقتناع بالثناء على الزوجة، فكثير من الأزواج لا يرون في الثناء على زوجاتهم فائدةً، بل بعضهم يرى فيه مفسدةً للزوجة وإثارةً لغرورها، وقد غاب عن أذهان هؤلاء أهمية هذا الثناء لجهلهم بطبيعة المرأة.. يُروَى أن عليًّا بن أبي طالب دخل على زوجته فاطمة الزهراء ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدها تستاك بعود أراك فأحبَّ أن يلاطفَها، فسحب العود من فمها ووضعه أمام عينيه وقال:
قد فزت يا عود الأراك بثغرها أما خفت يا عود الأراك أراكا
لو كنت من أهل القتال قتلتك ما فاز مني يا سواك سواكا
3- الضيق بالزوجة والانتقام منها، فللأسف الشديد كثير من الأزواج لديهم الرغبة في الانتقام من زوجاتهم، ومن ثم يميلون إلى طمس محاسنهن وإخفاء مزاياهن، وليس ذلك من خلق الزوج المسلم ولا من مهارات الزوج الناجح.
وينبغي للزوج المسلم أن يتسامح مع زوجته، ويتجاوز عن هنَّاتها، وأن يدرك جيدًا أنه قائد السفينة وأنه المسئول الأول عن السير بها إلى برِّ الأمان، وأن من الحكمة ألا يصطدم بالأمواج العالية، وألا يصارع الرياح العاتية، كما ينبغي له أن يدرك أن في السفينة ذاتها آخرين هم أولاده، وأنه مسئول عن نجاتهم جميعًا فلا ذنبَ لهم.
ولو فُرِض جدلاً أن زوجته شوكٌ يعذبه ويؤلمه فليعمل بالمثل الشعبي المصري القائل "لأجل الورد يُسقى العليق"، فمن أجل أولاده يُحسن معاملة زوجته.
إن السعادة الأسرية لا يمكن أن تتحقق عندما يتعامل الزوج مع زوجته على أنها ندٌّ له، ولا يمكن أن تتحقق السعادة الزوجية في ظل علاقة الانتقام، وإنما ينبغي أن تقوم العلاقة الزوجية على أساس من المشاركة؛ فهي بمنزلة شركة استثمارية بين زوج وزوجة؛ فإن قصَّر أحدهما قام الآخر بجبر هذا التقصير، وسد الثغرة التي ربما يأتي منها الخطر؛ لأنها إن لم تُسَدّ فسيغرق الجميع.
شهادة زوجة!
تقول إحدى الزوجات عن أثر ثناء زوجها عليها: نظر زوجي إليَّ نظرةً شعرت بدفئها، ثم قال: في الحقيقة وبصراحة فيك صفات جميلة ومريحة بالنسبة لي، تقول الزوجة كان وقْع هذا الكلام على قلبي مثل الماء، لقد أطفأ نارًا مشتعلة منذ ما يقارب سنة، واعتبرت شهادته بمنزلة وسام شرف لي وضعه على صدر علاقتي به وحياتي الزوجية معه.
أقوى ثناء على الزوجة!
من أقوى أنواع الثناء على الزوجة أن تُثني على حياتها وتتغزَّل فيها، فلنتعلم نحن معشر الأزواج فقه الثناء على الزوجة، وهاكم نماذج شعرية من ثناء الأزواج على جمال زوجاتهم والتغزل في جمالهن والغرم بهن.
فهذا زوج يُظهر حبَّه لزوجته وغيرته المحمودة عليها فيقول:
أغار عليك من عيني ومني ومنك ومن زمانك والمكان
ولو أنِّي خبأتك في عيوني إلى يوم القيامة ما كفاني
وذلك زوجٌ ثانٍ يتغزَّل في زوجته بعبارات رقيقة مصرِّحًا بحبه لها:
الصبا والجمال ملك يديك أي تاج عز من تاجيك
نصب الحب عرشه فسألنا من تراها له فدلَّ عليك
قتل الورد نفسه حسدًا منك وألقى دماه في وجنتيك
والفراشات ملَّت الزهر لما حدثنا الأنسام عن شفتيك
وذاك زوج ثالث يقول في زوجته:
قامت تظللني من الشمس نفس أحب على من نفسي
قامت تظللني ومن عجبي شمس تظللني من الشمس
وهذا زوج رابع يثني على حلاوة الحب بينه وبين زوجته حال قربها فيقول:
عجبت لهذا الحبِّ يسري كأنما هو السحر في الأعماق أو أنه أقوى
ويجعل حلو العيش مرًّا إذا نأى حبيب ومر العيش في قربه حلوا
هو الحب يسمو بالنفوس ويرتقي إذا لم يكن في عرف أصحابه لهوا
ومن أروع ما قيل في الثناء على المحبوبة ما قاله ذو الرمة من شعراء العصر الأموي في "ميّ" ثناءً على طيب رائحة عنقها، وقد ذكر سبب ذلك بأن عنق محبوبته كأن به معطارًا إذ يقول:
والطيب يزداد طيبًا إذ يكون بها في جيد واضحة الخدين معطار